*هذا المقال نُشر أولا في موقع ساسة بوست
--------------------
استكمالا لمقال سابق عرضنا فيه الدول الأعلى استخداما للطاقة المتجددة, نستعرض اليوم الدول الأبرز عالميا في مجال إعادة تدوير المخلفات والاستفادة منها إلى أقصى حد مع أقل الأضرار الممكنة بالبيئة وبالموارد الطبيعية.
نظرة عامة
يوجد حول العالم أربعة طرق عامة للتخلص من النفايات:
- الطمر في باطن الأرض.
- الحرق (إما في مساحات مفتوحة أو في منشآت خاصة).
- تحويل المخلفات العضوية إلى أسمدة.
- إعادة التدوير أو إعادة التصنيع.
هناك اتجاه عالمي للتقليل من مساحة الأراضي المستخدمة كمكبّات للمخلّفات, خاصة تلك المصنعة من مواد غير عضوية والتي تأخذ وقتا طويلا للتحلل والاندماج في التربة قد يصل إلى عشرات السنوات.
أيضا تعتبر وسيلة الحرق في المساحات المفتوحة وسيلة غير مستحبة وتتجه دول عديدة للتقليل من الإعتماد عليها لما تسببه من أضرار بيئية وتلوث هوائي يؤثر على صحة الإنسان والحيوان والنبات. وتستبدل غالبا بالحرق داخل منشآت خاصة مزودة بنظام لتنقية الدخان الناتج عن الحرق ليخرج إلى الهواء الخراجي محمّلا بأقل قدر ممكن من السموم والكيماويات, كما تُستغل الطاقة الناتجة عن عملية الحرق في توليد الكهرباء.
ويضع الإتحاد الأوروبي هدف الوصول إلى إعادة تدوير 50% من النفايات بحلول عام 2020 بالمقارنة مع 35% عام 2010, و23% عام 2001. وقد نجحت عدة دول في الوصول إلى هذا الهدف باكرا.
فبحسب إحصائيات صدرت عام 2013 عن وكالة البيئة الأوروبية (EEA), جاء ترتيب الدول العشر الأولى من حيث التخلص من النفايات عبر إعادة التدوير كالتالي: النمسا 63%, ألمانيا 62%, بلجيكا 58% هولندا وسويسرا 51%, الولايات المتحدة والسويد 49%, لوكسمبورج 46%, النرويج 42%, وأخيرا الدنمارك 40%.
دعونا نتعرف على بعض الإجراءات التي تتميز بها بعض الدول وتجعلها ناجحة في هذا المجال.
سويسرا
تطبق البلديات السويسرية سلسلة من القواعد التي قد تبدو صارمة ومشددة للبعض, إلا أن المواطنين يلتزمون بها ويطبقونها حتى أصبحت ضمن روتينهم المعتاد. فإن كنت تعيش في سويسرا, فإنك أن أردت أن تترك للبلدية عملية تجميع النفايات من أمام بيتك فإنك تدفع رسوما لذلك, أما إن قمت بالتخلص من نفاياتك بتوصيلها بنفسك لصناديق إعادة التدوير فهذا شئ مجاني.
يوجد حاويات خاصة وأكياس خاصة بلون معين لكل نوع من أنواع النفايات, ويتم مخالفتك إن لم تلتزم بها. يمنع تماما إلقاء البطاريات ضمن نفايات أخرى, وعادة ما يوجد صندوق لتجميعها في محلات السوبرماركت. وفي الشوارع توجد حاويات للزجاج, وأخرى للألومنيوم, وأخرى للمخلفات النباتية, بالإضافة إلى البلاستيك, والصحف والمجلات. وقد يحدث أن تتوزع هذه الحاويات في عدة أماكن متباعدة حول منزلك, مما قد يتطلب منك أن تخطط لمسارك اليوم بناء على ضرورة مرورك بصندوق من هذه الصناديق.
الجدير بالذكر أن سويسرا حظرت منذ عام 2000 التخلص من النفايات عبر وسيلة الطمر والدفن في باطن الأرض. علما بأن طبيعة التربة الجبلية التي تغطي ثلثي مساحة البلاد تجعل من الصعب الإستمرار في إنشاء حفر لطمر النفايات. ونذكر أيضا أن النفايات التي لا يمكن إعادة تدويرها أو تحويلها إلى أسمدة يتم التخلص منها عبر عملية الحرق التي تتم في منشآت خاصة مصممة بتكنولوجيا متطورة بحيث لا تسبب تلوثا في الهواء, كما أن الطاقة الناتجة عن عملية الحرق تستغل في إنتاج الطاقة والكهرباء.
ألمانيا
أسوة بسوسيرا, تم إصدار قانون ألماني يحظر تماما طمر النفايات في باطن الأرض منذ عام 2005. كما تكلفك أيضا رسوما في حال اعتمادك على البلدية في تجميع نفاياتك, تزداد كلما ازدادت سعة الأكياس المستخدمة, فيما لا تكلفك شيئا إن قمن بالتخلص منها بنفسك عبر الحاويات المخصصة لإعادة التدوير.
تعتمد ألمانيا على عدة قواعد هي الأخرى في سبيل فرض نظام إعادة التدوير على كل من المستهلك والمُنتج. حيث يدفع المنتجون رسوما إضافية كلما كانت عبوات منتجاتهم أصعب في إعادة التدوير, وكلما كان وزنها أثقل (أي تحتوي على مواد أولية أكثر). وهكذا يضطر المصنّعون للإقتصاد بقدر الإمكان في المواد الأولية التي يستخدمونها في تصنيع عبوات وأغلفة المنتجات. وتكون عملية التخطيط لإعادة التدوير قد بدأت من المنبع الأساسي: المصانع.
السويد
تطبق السويد السياسات المنصوح بها ضمن قوانين الإتحاد الأوروبي بشأن إعادة تدوير النفايات, ولكن الأمر قد وصل بهم إلى استخدام 100% من نفاياتهم في إنتاج الكهرباء والتدفئة, للدرجة التي جعلتهم بحاجة لإستيراد المزيد من النفايات من جارتهم النرويج!
بلجيكا
تباع أكياس النفايات في بلجيكا بألوان مختلفة تميز أربعة أنواع من النفايات: الأصفر للورق والكرتون, الأزرق للبلاستيك والمعادن, الأخضر لمخلفات الحدائق والكيس الأبيض لباقي المخلفات. وتخصص البلدية أيام معينة في الأسبوع لإخراج نوع معين من للقمامة, فمثلا لوكان اليوم المخصص لإخراج كيس الورق وقمت بدلا منه بإخراج كيس البلاستيك فلن يتم أخذم من أمام بيتك عند مرور عربة التجميع.
أما ما تتميز فيه البلد هو استحداثها لتكنولوجيا متطورة في إعادة تدوير السيارات القديمة تصل إلى 91% منها! حيث تمر السيارة بمراحل للتفكيك والتقطيع والطحن, ثم تعالج بطريقة ميكانيكية معينة تعمل على فصل المواد الأولية المختلفة الناتج عم عملية الطحن عن بعضها البعض, وتستخدم مرة أخرى في تصنيع منتجات جديدة.
الدنمارك
تتجه الدولة إلى الاستغناء تماما عن الوقود الحفري (البترول ومشتقاته) بحلول عام 2050, وفي سبيل الوصول إلى هذا الهدف تتجه نحو تقليل الاعتماد على أسلوب الحرق للتخلص من النفايات وزيادة ما يتم إعادة تدويره من تلك النفايات. فإلى وقت قريب, كانت الدنمارك تعتبر من أوائل الدول اعتمادا على المحارق بنسبة تصل إلى 80% من النفايات غير المفصولة بحسب النوع, حيث يعتبر كان خيار فصل النفايات في المنازل أمرا اختياريا يرجع لتفضيل كل مواطن, إلا أنه تم البدء في تطبيق قانون يجبر المواطنين على فصل نفاياتهم في سبتمبر 2013 الماضي.
إن التأمل في كل هذه الجهود الدولية في الخروج عن المعتاد في مسألة توليد الطاقة وإدارة المخلفات تجعل المواطن العربي يقف حائرا من الطريقة التي لازالت تفكر فيها حكوماته بطرق قديمة عفى عليها الزمن, في الوقت الذي تتسابق فيه دول أخرى حول العالم لتطبيق وسائل جديدة, لا تخلو من التعسف في البداية لإجبار المواطنين على أمور تهدف للمصلحة العامة, ليس فقط للمدينة أو البلد, بل للبيئة والكوكب بأسره, الذي ينبغي علينا, شئنا أم أبينا أن نسلّمه للأجيال القادمة, فليس لدينا إلا كوكب واحد لنعيش عليه.
المصادر:
ما هي الدول الرائدة عالميا في إعادة تدوير النفايات؟
تمت مراجعته من قبل علا من غزة
في
أبريل 17, 2014
تقييم:
ليست هناك تعليقات: